رغم أن الشياطين
تسلسل في شهر رمضان الكريم، وما لذلك من دور كبير في مساعدتك على الإقبال على
الطاعات في رمضان، ويظهر ذلك جليا في الأيام الأولى للشهر الفضيل، رغم هذا فإن
النفس تسعى إلى أن تحبط من عزيمتك و من اجتهادك، فهذا طبعها ما دامت تميل إلى
الراحة و الاسترخاء...
لهذا كان لا بد من وقفة مع هذا الأمر و اخترت أن أقدم لك
أخي القارئ هذه الأسطر المأخوذة من خطبة قيمة للشيخ المنجد جزاه الله خيرا التي يشحذ
فيها همم المسلمين قصد اغتنام الفرصة في رمضان و مواصلة الاجتهاد في هذا الشهر حتى
آخر لحظة منه.
"لقد
انتصف شهركم، ومرت أيام هذا النصف بسرعة، لم نكد نحس بتلك الأيام، والله سبحانه وتعالى
قد جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ
شُكُورًا سورة الفرقان 62. فطوبى لمن جعل الأيام والليالي مستودعاً للأعمال الصالحة
يزداد منها، والغافل الذي لم يغتنم تلك الأيام التي ولت ولن تعود، لم يغتنمها بطاعة
الله وعبادته، أو قصر في ذلك فكانت طاعاته قليلة، لا تتناسب مع عظمة الشهر.
وكثير من
الناس يصابون بالفتور في وسط رمضان، فيغفلون عن هذه الأواسط وما فيها من الفضل العظيم،
يغفلون أن استحضار النية مستمر ، وأن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، فهذا
الاحتساب في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره.
لا بد للمسلم أن يشحذ همته؛ لأنه قد يعتريها
كلل وملل في وسط الشهر، وربما خف المترددون على المساجد، وقل عدد الناس في صلاة التراويح،
ألا فليعلم الذي يتكاسل في وسط الشهر أنه يضيع على نفسه فرصة عظيمة؛ لأن أبواب الجنة
ما زالت مفتوحة في منتصف رمضان، كما أن أبواب النار لا زالت مغلقة في وسط رمضان، كما
أن لله في كل ليلة عتقاء من النار حتى في وسط رمضان، كما أن هذا الصيام سبب للتكفير
في أوله وآخره وفي وسطه، كما أنه له الفضائل العظيمة، فإنه لا بد من اغتنام جميع أوقاته؛
لأنه ينادي منادٍ كل ليلة من ليالي رمضان كما جاء في الحديث الصحيح: (يا باغي الخير
أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة).
إذاً هذا المنادي الكريم
من الغفور الرحيم لا زال ينادي في أول الشهر، وفي وسط الشهر، وفي آخر الشهر، فيقول
لك: يا عبد الله، (يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك
كل ليلة). إذاً الاستمرار في شحذ الهمة وتجديد العزيمة والقيام، إطالة الصلاة والدعاء
والذكر والالتجاء إلى الله تعالى، واستحضار القلب عند الآيات التي فيها ذكر الرحمة
والعذاب والثواب والعقاب والقصص والأمثال وأهوال القيامة، وأول ذلك ذكر أسماء الرب
وصفاته سبحانه وتعالى، فلا تهملوا رحمكم الله شيئاً من أيام شهركم، واستمروا في العمل،
وإياكم و التواني،
وهذه أيام معدودة، وقد قال الله في كتابه العزيز: أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ سورة البقرة184.
وكما انتهى نصف الشهر فسينتهي نصفه الآخر، وهكذا يمر فماذا فعلت في نصفه المنصرم يا
عبد الله؟ وأي شيء استودعته في تلك الأيام، هل زدت في الأعمال الصالحة، فإن من ثواب
الحسنة الحسنة بعدها، فهل زادت حسناتك، هل لا زلت مستحضراً للأجر والثواب في الإفطار
والسحور، وكذا تجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى على الاستمرار على طاعته، والتوبة
مما مضى."
0 التعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بتعليقاتك و نتمنى لك التوفيق