رمضان

شهر رمضان شهر له هبته و إجلاله و احترامه و توقيره و محبته الخاصة، خصوصا في قلوب المؤمنين الوجلين التواقين إلى المغفرة و التوبة و الثواب و الأجر الكبير.

هذا الشهر يستمد كل هذا التعظيم و المكانة الخاصة من فضائله و خصائصه التي حباه الله بها و التي  تتجلى فيما يلي :
رمضان

فضائل رمضان و خصائصه:


جعل الله جزاء الصيام في رمضان خاصا به سبحانه و تعالى:

من أعظم فضائل شهر رمضان أنه شهر الصوم، و ان الله سبحانه و تعالى اختص بمجازاة عبده على صيامه، فلا يعلم العبد الصائم كم من الجزاء و الثواب قدره الله له.

 فبخلاف العبادات الأخرى التي يعلم بمقدار ثوابها و أجرها و أنها تضاعف من عشرة إلى سبعمئة ضعف بل أكثر، فإن الصوم لا يعلم ثوابه إلا الله الكريم الجواد.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به... الحديث)

يقول العلماء أن الله سبحانه و تعالى اختص الصوم بهذا الفضل لأن سائر العبادات ظاهرة بفعلها يطلع عليه الخلق إلا الصوم فإنه عبادة خالصة لا يطلع أحد على فعله إلا الله عز و جل، فباستطاعة العبد أن يفعل ما يشاء من المحرمات في خلوته و هو صائم، لكنه يمتنع عن ذلك لأنه يعلم أن الله العلي القدير يراقبه. فكان هذا سببا لأن يختص الله بجزائه.

وفي حديث آخر : "......يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها."

ولما قال تعالى "وأنا أجزي به" فللعبد أن يتصور مقدار الجزاء و الثواب من رب جواد كريم.

في رمضان تفتح أبواب الجنة و تغلق أبواب النار و تسلسل الشياطين:

يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ . وفي أحاديث أخرى : وصفدت الشياطين.

بمجرد دخول رمضان تفتح أبواب الجنة و تغلق أبواب النار و تسلسل الشياطين، فتفيض الخيرات و الرحمات على الصائم، فشهر رمضان شهر الصيام و القيام و تلاوة القرآن، وفعل الخيرات و ترك المعاصي و المنكرات، وشهر التوبة و الإنابة و المغفرة و العتق من النيران، وشهر التقرب إلى الله بالأعمال الصالحات، فيه يكون العبد على جد و اجتهاد غير معتاد، ويضاعف فيه الثواب و الأجر.. أفلا يكون كل هذا سببا لدخول الجنة و البعد عن النار؟ !

وبكثرة أعمال العبد الصالحة في هذا الشهر، فإنه يقهر الشياطين فتشل و تسلسل، وما حيلتهم و العباد كلهم على هذا النهج؟ !

فانوس رمضان 2015

رمضان شهر الصوم:

خص الله شهر رمضان بالصوم وهو شرف عظيم، والصوم أحد أركان الإسلام لا يقوم إلا به، وهو عبادة تكفل الله بثوابه و أجره كما ذكرنا.

كما أن الصوم عبادة تدرب المسلم على الإخلاص في أعماله و تساعده على التحكم في شهواته و غرائزه ( الجوع، العطش، الجماع)، وهو أيضا سبب من أسباب استجابة الدعاء و تكفير الذنوب.

والصوم بشرى للصائم، كما في الحديث " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ : فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ".

ثم إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة : "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال: فيشفعان"

رمضان شهر القرآن:

قال تعالى في سورة البقرة : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )

من كبير تفضل الله على عباده أن أرسل لهم خير خلقه و خير رسله محمدا صلى الله عليه و سلم، وبعثه في أطهر البقاع مكة المكرمة، وجعل يوم اصطفائه في أفضل الأزمنة و هو شهر رمضان، و أن تجتمع كل هذه الفضائل و تكتمل بنزول أولى آيات كتابه العزيز.

فكان هذا الانبثاق العظيم والخير العميم للبشرية جمعاء، وازداد شهر رمضانشرفا بأن كان لبنة أساسية في هذا البناء الكبير.

ورغم أن القرآن الكريم نزل متفرقا و عبر سنوات، فقد خص الله سبحانه شهر رمضان بأن جعله شهر القرآن. بل الأعظم من ذلك أن جعل نزول القرآن الكريم في أعظم ليالي رمضان و هي ليلة القدر:

"إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ."

"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ.."

فكانت تجليات هذه المكرمة في إقبال المؤمنين على تلاوة القرآن الكريم في رمضان أكثر من إقبالهم عليه في غيره من الأيام و الشهور، بل حتى الذي بدأ يصلي في رمضان لينكب على تلاوة هذا الكتاب العزيز. كما تتجلى أيضا في امتلاء المساجد بالمصلين لسماع القرآن يتلى في صلاة التراويح.

ليلة القدر خير من ألف شهر:

هي سيدة ليالي سيد الشهور، والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر دونها، وهي الليلة العظيمة التي نزل فيها القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ليلة من حُرم أجرها فقد حُرم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. اختصها الله سبحانه بتنزيل القرآن الكريم كما اختصها بأن جعل سورة من سور القرآن باسمها و هي سورة القدر.

في هذه الليلة تتنزل الملائكة إلى الدنيا و على رأسهم سيدنا جبريل عليه السلام.

وهي ليلة يكتب الله تعالى فيها الآجال و الأرزاق خلال العام.

وهي ليلة السلام لا شر فيها و لا سوء ولا أذى.

وفيها يغفر ما تقدم من الذنوب لمن قامها إيمانا و احتسابا.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ : " أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مِرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ " .

العمرة في رمضان كحجة

قال العلماء العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض.

فما أعظم أن ينال المسلم هذا الثواب الجليل الذي لن يجده إلا في رمضان.

واليوم نرى ذلك الحشد العظيم من المعتمرين في مكة المكرمة على الفضائيات و في بث مباشر، فما هو إلا دليل للهفة العباد للظفر بهذا الخير.

هذه هي أهم فضائل و خصائص هذا الشهر الكريم، وهناك فضائل أخرى ذات أهمية أيضا، من حيث أن رمضان شهر يغير سلوكاتنا إلى الأحسن، ويعودنا على تنظيم الوقت و الإحساس بالمحرومين و الضعفاء، وله أثر ايجابي على صحة أبداننا....

فاغنم قبل فوات الأوان !

عمرة رمضان 2015

لماذا عليك ان تستعد لرمضان؟

رمضان فرصة العمر و ربما لن تعوض، لما تقدم من فضائل هذا الشهر الكريم، و كل الخير الذي يحمله يعود عليك بالنفع، فالإنسان المؤمن غايته هي رضى الله و الجنة، التي لن تتأتى إلا بالعمل الصالح و الإخلاص و الصبر..

والله سبحانه و تعالى هيأ لك كل السبل المعينة في هذا الشهر، فتح لك أبواب الجنة لتدخل فهل تأبى؟

وأغلق لك أبواب النار فماذا تريد؟

وسلسل الشياطين من أجلك فلماذا تتكاسل؟

وعظم لك الثواب و الأجر و سخر لك ليلة القدر تدرك بسببها ثواب و أجر عدة أعوام لن تدركها..

بل و الأجمل في كل هذا أن الله يبشرك بفرحتين ليس لهما مثيل:

" لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ : فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ"

وللظفر بخير رمضان عليك أن تعد العدة من قبل أن يحل عليك بشهور أو أسابيع. فنحن نستعد للامتحان أو مباراة التوظيف بمدة.. فلم لا تكون عزيمتنا أقوى مع رمضان !؟

فلا تجعل رمضان يلتقيك فجأة !!

كيف كان الصحابة و السلف يستعدون لرمضان؟

كان الصحابة و السلف الصالح يحملون همّ رمضان و يتوقون لبلوغه، لذا كانوا يدعون الله ستة أشهر قبل رمضان أن يبلغهم إياه.

فقد كانوا يستعدون بالطاعات و العبادة و التوبة، لا بالمأكل و المشرب وأنواع المأكولات و الحلويات و العصائر... و لا يستعدون بليالي الأنس و السمر و الحفلات و الغناء ... ولا بمشاهدة المسلسلات و الفضائيات..

ولما علم السلف الصالح أن رمضان شهر القرآن أيضا، استعدوا لذلك، فالإمام مالك كان يترك قراءة الحديث و مجالسة أهل العلم و يقبل على قراءة القرآن. ومن السلف من كان يختم القرآن عدة مرات في رمضان.

لماذا كل هذا؟

لأنهم علموا انها فرصة لا يجب أن تضيع !


فاللهم بلغنا رمضان .. و أعنا فيه على الصيام و القيام و تلاوة القرآن.

عشر وسائل لاستقبال رمضان

هذه رسالة موجهة لكل مسلمٍ أدرك رمضان وهو في صحة وعافية، لكي يستغله في طاعة الله تعالى، وقد حاولنا أن تكون هذه الرسالة في وسائل وحوافز إيمانية تبعث في نفس المؤمن الهمة والحماس في عبادة الله تعالى في هذا الشهر الكريم، عنوانها:


ما هي الوسائل المفيدة لاستقبال هذا الشهر الكريم؟

ينبغي للمسلم أن لا يفرط في مواسم الطاعات، وأن يكون من السابقين إليها، ومن المتنافسين فيها قال الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]. فاحرص -أخي المسلم- على استقبال رمضان بالطرق السليمة التالية:

الطريقة الأولى:

الدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان وأنت في صحة وعافية، حتى تنشط في عبادة الله تعالى، من صيام وقيام وذكر؛ فقد روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: كان النبي إذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبارك لنا في رمضان"[1]. وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه أن يتقبله منهم.

فإذا أهَلَّ هلال رمضان فادع الله، وقل: "الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربي وربك الله"[2].


رمضان كل عام و أنتم بخير


الطريقة الثانية:

الحمد والشكر على بلوغه: قال النووي -رحمه الله- في كتاب الأذكار: اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة؛ أن يسجد شكرًا لله تعالى، أو يثني بما هو أهله. وإن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة والعبادة، فمجرد دخول شهر رمضان على المسلم وهو في صحة جيدة هي نعمة عظيمة، تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها. فالحمد لله حمدًا كثيرًا كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه.

الطريقة الثالثة:

الفرح والابتهاج، فقد ثبت عن رسول الله أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: "جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم ..."[3].

وقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان، ويفرحون بقدومه، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات، وتنزل الرحمات.

الطريقة الرابعة:

العزم والتخطيط المسبق للاستفادة من رمضان، فالكثيرون من الناس -وللأسف الشديد- حتى الملتزمون بهذا الدين يُخطِّطُون تخطيطًا دقيقًا لأمور الدنيا، ولكن قليلون هم الذين يخططون لأمور الآخرة، وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة، ونسيان أو تناسي أن للمسلم فرصًا كثيرة مع الله، ومواعيد مهمة لتربية نفسه حتى تثبت على هذا الأمر..

ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة: التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعبادات، فيضع المسلم له برنامجًا عمليًّا لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى، وهذه الرسالة التي بين يديك تساعدك على اغتنام رمضان في طاعة الله تعالى إن شاء الله.

الطريقة الخامسة:

عقد العزم الصادق على اغتنامه، وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة، ويسر له سبل الخير، قال الله عز وجل: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: 21].

الطريقة السادسة:

العلم والفقه بأحكام رمضان، فيجب على المؤمن أن يعبد الله على علم، ولا يعذر بجهل الفرائض التي فرضها الله على العباد، ومن ذلك صوم رمضان، فينبغي للمسلم أن يتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه ليكون صومُهُ صحيحًا مقبولاً عند الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].

الطريقة السابعة:

علينا أن نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات، والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها، فهو شهر التوبة، فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟ قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

الطريقة الثامنة:

التهيئة النفسية والروحية من خلال القراءة والإطلاع على الكتب والرسائل، وسماع الأشرطة الإسلامية من المحاضرات والدروس التي تبين فضائل الصوم وأحكامه، حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه، فقد كان النبي يهيئ نفوس أصحابه لاستغلال هذا الشهر، فيقول في آخر يوم من شعبان: "جاءكم شهر رمضان..." الحديث[4].

الطريقة التاسعة:

الإعداد الجيد للدعوة إلى الله فيه، من خلال:

1- تحضير بعض الكلمات والتوجيهات تحضيرًا جيدًا لإلقائها في مسجد الحي.
2- توزيع الكتيبات والرسائل الوعظية والفقهية المتعلقة برمضان على المصلين وأهل الحي.
3- إعداد هدية رمضانية، وبإمكانك أن تستخدم في ذلك مظروفًا فتضع فيه شريطين وكتيب مثلاً، وتكتب عليه "هدية رمضان".
4- التذكير بالفقراء والمساكين، وبذل الصدقات والزكاة لهم.

الطريقة العاشرة:

نستقبل رمضان بفتح صفحة بيضاء مشرقة:

أ‌- مع الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة.
ب‌- مع الرسول بطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر.
ت‌- مع الوالدين والأقارب والأرحام، والزوجة والأولاد بالبر والصلة.
ث‌- مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبدًا صالحًا ونافعًا، قال : "أفضل الناس أنفعهم للناس"[5].

هكذا يستقبل المسلم رمضان استقبال الأرض العطشى للمطر، واستقبال المريض للطبيب المداوي، واستقبال الحبيب للغائب 
المنتظر.


فاللهم بلغنا رمضان، وتقبله منا، إنك أنت السميع العليم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

------------------------
[1] رواه أحمد برقم (2342)، وضعفه الألباني في مشكاة المصابيح برقم (1369).
[2] رواه الطبراني برقم (13330) من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة برقم (1816).
[3] أخرجه أحمد برقم (7108)، وقال الشيخ الألباني: صحيح. انظر حديث رقم (55) في صحيح الجامع.
[4] التخريج السابق.
[5] رواه الطبراني في معجمه برقم (13646)، وقال الشيخ الألباني: حسن. انظر حديث رقم (3289) في صحيح الجامع.

-------
المصدر: islamstory.com

واصل اقبالك على الطاعات حتى نهاية شهر رمضان

رغم أن الشياطين تسلسل في شهر رمضان الكريم، وما لذلك من دور كبير في مساعدتك على الإقبال على الطاعات في رمضان، ويظهر ذلك جليا في الأيام الأولى للشهر الفضيل، رغم هذا فإن النفس تسعى إلى أن تحبط من عزيمتك و من اجتهادك، فهذا طبعها ما دامت تميل إلى الراحة و الاسترخاء...

لهذا كان لا بد من وقفة مع هذا الأمر و اخترت أن أقدم لك أخي القارئ هذه الأسطر المأخوذة من خطبة قيمة للشيخ المنجد جزاه الله خيرا التي يشحذ فيها همم المسلمين قصد اغتنام الفرصة في رمضان و مواصلة الاجتهاد في هذا الشهر حتى آخر لحظة منه.



"لقد انتصف شهركم، ومرت أيام هذا النصف بسرعة، لم نكد نحس بتلك الأيام، والله سبحانه وتعالى قد جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا سورة الفرقان 62. فطوبى لمن جعل الأيام والليالي مستودعاً للأعمال الصالحة يزداد منها، والغافل الذي لم يغتنم تلك الأيام التي ولت ولن تعود، لم يغتنمها بطاعة الله وعبادته، أو قصر في ذلك فكانت طاعاته قليلة، لا تتناسب مع عظمة الشهر.

وكثير من الناس يصابون بالفتور في وسط رمضان، فيغفلون عن هذه الأواسط وما فيها من الفضل العظيم، يغفلون أن استحضار النية مستمر ، وأن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، فهذا الاحتساب في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره.

لا بد للمسلم أن يشحذ همته؛ لأنه قد يعتريها كلل وملل في وسط الشهر، وربما خف المترددون على المساجد، وقل عدد الناس في صلاة التراويح، ألا فليعلم الذي يتكاسل في وسط الشهر أنه يضيع على نفسه فرصة عظيمة؛ لأن أبواب الجنة ما زالت مفتوحة في منتصف رمضان، كما أن أبواب النار لا زالت مغلقة في وسط رمضان، كما أن لله في كل ليلة عتقاء من النار حتى في وسط رمضان، كما أن هذا الصيام سبب للتكفير في أوله وآخره وفي وسطه، كما أنه له الفضائل العظيمة، فإنه لا بد من اغتنام جميع أوقاته؛ لأنه ينادي منادٍ كل ليلة من ليالي رمضان كما جاء في الحديث الصحيح: (يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة).

إذاً هذا المنادي الكريم من الغفور الرحيم لا زال ينادي في أول الشهر، وفي وسط الشهر، وفي آخر الشهر، فيقول لك: يا عبد الله، (يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة). إذاً الاستمرار في شحذ الهمة وتجديد العزيمة والقيام، إطالة الصلاة والدعاء والذكر والالتجاء إلى الله تعالى، واستحضار القلب عند الآيات التي فيها ذكر الرحمة والعذاب والثواب والعقاب والقصص والأمثال وأهوال القيامة، وأول ذلك ذكر أسماء الرب وصفاته سبحانه وتعالى، فلا تهملوا رحمكم الله شيئاً من أيام شهركم، واستمروا في العمل، وإياكم و التواني، وهذه أيام معدودة، وقد قال الله في كتابه العزيز: أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ سورة البقرة184.

وكما انتهى نصف الشهر فسينتهي نصفه الآخر، وهكذا يمر فماذا فعلت في نصفه المنصرم يا عبد الله؟ وأي شيء استودعته في تلك الأيام، هل زدت في الأعمال الصالحة، فإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فهل زادت حسناتك، هل لا زلت مستحضراً للأجر والثواب في الإفطار والسحور، وكذا تجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى على الاستمرار على طاعته، والتوبة مما مضى."

أنواع الذكر في رمضان وأفضلها

من أحوال المسلمين في رمضان: ذكر ربهم تبارك وتعالى. ولا ريب أن ذكر الله أنس السرائر وحياة الضمائر وأقوى الذخائر على الإطلاق يقول جل جلاله { أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }.

وإن الإنسان لا يلهج  بذكر أحد إلا إذا بلغت محبته في القلب محبة عظيمة، فمن كان يحب الله حبا يليق بجلال الله جل وعلا وعظمته ولا يقدم على حب الله حب أحد كان طبعيا وبدهيا أن يلهج لسانه بذكره.

أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ


ولكن المغرقين في الشهوات والعاكفين أمام شاشات التلفاز والمستمعين إلى ما حرم الله، هؤلاء غالبا ليس في قلوبهم إلا ما يبتغيه الشيطان ويريده أصحاب الفجور ويرتضيه أهل الهوى. فلذلك من البدهي أن يقل على ألسنتهم ذكر الله تبارك وتعالى. (تابع مقالة مسلسلات رمضان)

فالذي ينبغي أن يحرص عليه المؤمن في المقام الأول أن يجنب نفسه المواطن والمنازل والأماكن التي تلهي عن الله، لأنها إن ألهت عن الله ألهت عن ذكره. وينبغي عليه أن يحرص على أن يرتاد الأماكن التي فيها إحياء لذكر الله كالمساجد والصلوات وحلقات العلم ومواطن المحاضرات والجلساء الصالحين، فإن تلك المواطن مما تعين المرء على ذكر ربه.

 أما كيف يذكر المؤمن ربه؟

 فإن قراءة القرآن ذكر، والصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم ذكر، وتهليل الله وتسبيحه وحمده والثناء عليه ودعاءه نوع من الذكر. وأعظم الذكر على الإطلاق قول لا إله إلا الله لما في صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه:" أن موسى سأل ربه قال يارب قل لي كلمة أدعوك وأذكرك بها . فأوحى الله إليه ياموسى قل لا إله إلا الله. قال يارب كل عبادك يقولون هذا. فأوحى الله إليه ياموسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله".

كما أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أحب الكلام إلى الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".

وجاء في فضل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ما جاء من الفضل وهذا أمر مشتهر ظاهر بين منتشر بين الناس ولكن كما قلنا ينقص الناس العزيمة والأوبة والبذل لذكر الله تبارك وتعالى، ولهج هذا اللسان بذكره.

فقد أوصى نبينا صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه بقوله " لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله تبارك وتعالى ".

المصدر: من محاضرة  للشيخ صالح بن عواد المغامسي

مسلسلات رمضان

أقوى التنافس يجري بين الفضائيات العربية للحصول على حقوق بث أقوى مسلسلاترمضان لهذا العام، ومن كانت الفائزة بذلك سخرت كل الوسائل الدعائية لجلب المشاهد إليها و تحقيق أكبر نسب متابعة على شاشاتها...

في إحدى صفحات المواقع أحصيت ما مجمله 39 مسلسلا سيعرض في رمضان ستكون موزعة على عدة فضائيات..

وبطبيعة الحال التركيز على النجوم و المشاهير التي ستلعب دور البطولة في هذه المسلسلات، و الفيديوهات الإعلانية و التسويقية المؤثرة و كذا مواقع التواصل الاجتماعي .. كلها وسائل تسعى لجعل المشاهد يبرمج وقته في رمضان لمتابعة هذه المسلسلات..

وإلى جانب المسلسلات هناك الفقرات الكوميدية و المضحكة و برامج الترفيه و المسابقات الفنية و الرياضية و جميع التسميات التي تجتهد هذه الفضائيات في إعدادها و تقديمها في هذا الشهر الفاضل لمتتبعيها المحترمين كما يقولون !





 

طريق الهداية و طريق الغواية

هذا ليس عنوانا لأحد مسلسلات رمضان، بل هي دعوة للتفكر قليلا أخي القارئ و دعوة لكل من فـُتن بمسلسلات رمضان... ماذا تختار أيها العبد المسلم الذي تدعي أنك تعبد الله سبحانه و تعالى؟ هل تختار ما يريده لك الخالق من خير و من مكرمات و أجر و ثواب في رمضان (راجع مقالة رمضان)، أم تريد ما يقدمه لك هؤلاء التجار المحترفون في الإغواء و التضليل والزج بك في متاهات المعاصي والذنوب حتى تجد نفسك و قد مضى رمضان أنك كُـتبت من المحرومين ومن الذين لا يحصلون إلا على السراب ..

رمضان هو فرصة العمر و ربما لن تدركه مرة أخرى .. وأنت مخلوق لمهمة محدودة و هي عبادة الله عز وجل، وأنت بطبعك عبد تذنب و تخطئ و تحتاج أن يغفر لك الله سبحانه و تعالى لتنال رضاه و تفوز بالجنة، النعيم الدائم، فهل تختار الفاني على الباقي؟..

تخيل نفسك و أنت تتابع مسلسلات رمضان .. وتتابع ما يدور فيها من آثام و معاصي و مشاهد لا ترضي الله العلي القدير .. تخيل نفسك و الناس من حولك منهم من يعمر المساجد ومنهم من يقرأ القرآن و منهم من هو مشغول بالذكر و الاستغفار.. كيف ستكون حالك؟؟

بل تصور معي يا أخي الفاضل و أنت جالس تتابع أحد مسلسلات رمضان و قد أخذك أحد المشاهد .. فيأمر الله ملك الموت بقبض روحك؟ كيف سيكون موقفك؟؟؟

يقول عز وجل: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

المال و الأولاد لن ينفعوك فما بالك بمسلسلات رمضان؟

يا أخي غير النظرة من الآن .. زنِ الأمور جيدا .. موقِع نفسك في جنب الله .. ستجده خير معين لك... فما هي إلا أيام معدودات لا تحتاج إلا إلى قليل صبر...

قال تعالى: "  فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ  "

مسلسلات رمضان لن تفيدك بشيء، قل لي كم من رمضان مضى من عمرك و كم من مسلسل قد تابعت، ماذا استفدت؟

رمضان 2015

يضاف إلى مصيبة مسلسلات رمضان، يعني ربط المسلسلات باسم رمضان، مع أن رمضان بريء منها، فهي مسلسلات لشيء آخر أما رمضان فله احترامه و عظمته وحاشى أن يرتبط بشيء يغضب الله عز و جل... فنقول مثلا رمضان القرآن، رمضان التراويح، رمضان الإحسان إلى الفقراء ... فهذا هو ما يرتبط به رمضان..

إذن يضاف إلى عبارة مسلسلات رمضان طامة أخرى هي ربط رمضان بالسنة الميلادية و ليس بالعام الهجري .. فتجدهم يقولون رمضان 2015، رمضان 2014 ...

والله سبحانه و تعالى يقول :" إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ"

ورمضان من هذه الشهور، فهو شهر هجري لا ميلادي فأرجو الحذر من مثل هذه العبارات ...

هي مسلسِلات و ليست مسلسلات !!

نعم هي مسلسِلات في رمضان بكسر السين الثانية لأنها تسلسل المسلم عن التقرب إلى الله سبحانه و الفوز بأجر و ثواب وفضل الشهر الكريم..

وقد قال رسول الله " إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ"

فإذا كانت الشياطين ستسلسل في رمضان فقد دربت أتباعها من الإنس قبل أن يحل رمضان بأن يسلسلوا عباد الله في رمضان حتى تعود إليهم، يعني الشياطين، بعد رمضان و تكمل معهم مهمتها..


فنسأل الله العلي القدير أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن و أن يثبتنا على الحق ما حيينا حتى نلقاه و هو راض عنا. آمين